تفسير ترامب لما حدث أمس في رفح:
"لقد أطلقوا النار، ونحن نعتقد أن القيادة (حماس يعني) ربما ليست متورطة في ذلك - ربما هناك بعض المتمردين من الداخل - ولكن على أي حال. سيتم التعامل مع الأمر بحزم، ولكن بطريقة مناسبة. وقف إطلاق النار لا يزال ساري المفعول".
لاحظ أنه لم يرفض ما حدث ووافق على رواية حماس ضمنا.
حين يغري الضعف بالانتحار: تحذير من تكرار أخطاء التاريخ
تمرّ مصر اليوم بمرحلة دقيقة تتقاطع فيها أزماتها الداخلية مع اضطرابات الإقليم؛ أزمةٌ اقتصاديةٌ خانقة، وانسدادٌ سياسيٌّ ومجتمعيٌّ، وتراجعٌ في ثقة الناس بمؤسساتهم، يقابلها اشتعال حربٍ كبرى في فلسطين تهدّد بتوسّعٍ مباشرٍ نحو سيناء.
في هذا المناخ الملبّد، تتعالى أصواتٌ تدعو إلى “الثورة الآن” باعتبارها الطريق الوحيد للخلاص، بل يذهب بعضهم إلى حدّ القول إنّ أيّ تدخلٍ إسرائيليٍّ في سيناء سيكون ثمنًا مقبولًا وعلامة على نجاح الثورة طالما سيسقط النظام القائم.
لكنّ مثل هذه الرؤية، مهما بدت حماسيةً أو صادقةً في نواياها، تتجاهل تعقيدات اللحظة، وتكرّر أخطاء أممٍ انهارت حين اختارت الثورة في زمن الضعف، كما حدث في ألمانيا بعد الحرب العالمية الأولى، وروسيا أثناءها، عندما سقطت الدولة قبل أن يتغيّر النظام.
أولًا: الثورة في زمن الاستضعاف طريقٌ إلى مزيد ضعف.
حين تكون الدولة في حالة إنهاكٍ شاملٍ وضعفٍ اقتصاديٍّ وتشرذمٍ اجتماعيٍّ، لا تعني الثورة حينها تحرّرًا بقدر ما تعني فراغًا ودعوةً إلى مزيدٍ من التشظّي.
ففي اللحظة التي تتداعى فيها مؤسسات الدولة وتفقد قدرتها على السيطرة، لن يظهر نظامٌ جديدٌ بالضرورة، مهما زعم أصحاب هذا التوجّه استعدادهم لمواجهة هذا السيناريو. سيظلّ ذلك ادعاءً فارغًا لا يملكون إثباته، خاصةً مع تجاربهم الفاشلة السابقة.
بل ما سيحدث غالبًا هو موجةُ تفكّكٍ تفتح الباب أمام التدخّل الخارجي، وتفقد البلاد تماسكها الاقتصادي والاجتماعي والسياسيّ بشكلٍ أوسع وأخطر ممّا هو عليه الوضع الآن، ومن يزعم خلاف ذلك محدودُ البصر والبصيرة.
إنّ التاريخ يثبت أن الثورة في ذروة الضعف لا تُسقط الاستبداد، بل تُسقط البلاد نفسها في وحلِ متاهةٍ أكبر.
ثانيًا: مصر اليوم أمام اختبارٍ حقيقي
من يدعو إلى الثورة اليوم في مصر يتجاهل أنّ الأزمة لا تقف عند حدود الداخل، بل تتشابك مع بيئةٍ إقليميةٍ بالغة الخطورة.
كما أنّه يتجاهل أنّ الجيش المصري ليس مجرّد سلطةٍ سياسيةٍ يمكن إزاحتها بشعارٍ في الشارع وبضعِ تجمعاتٍ هنا وهناك، حتى وإن طالت، بل هو بنيةٌ مترابطةٌ تتغلغل في الاقتصاد والإدارة والعلاقات الإقليمية والدولية.
أيّ اضطرابٍ غير محسوبٍ لن يُفكّك هذه البنية، بل سيؤدّي إلى إعادة إنتاجها بشكلٍ أشدّ تحكّمًا، وربما أكثر قسوة.
كما أنّه، وفي ظلّ ضعف الدولة الاقتصاديّ الحالي، والانقساماتِ وتباينِ الرؤى بين دول الإقليم، فإنّ أيّ فراغٍ في السلطة سيفتح الباب لتدخّلاتٍ خارجيةٍ محتملة، سواء في سيناء تحت ذرائع “الأمن الإقليميّ”، أو تحت بند “مكافحة الفوضى”.
وحينها لن تكون الخسارة سقوطَ نظام، بل مزيد تشرذم في البلاد مع احتمال كبير لقمع اوسع وأكبر .
ثالثًا: لا أحد ينزع ضرسًا وتحته خُراج
الثورة في أوقات الضعف تشبه من ينزع ضرسًا ملتهبًا قبل علاج الخُراج؛ الألم يزول لحظةً، ثم ينتشر التسمّم في الجسد كله.
إنّ ما يُقال هنا ليس دفاعًا عن النظام القائم، ولا تزيينًا لواقعه، بل إدراكًا لحقيقة أنّ انهيار الدولة في لحظةٍ كهذه سيكون كارثةً تتجاوز حدودها، وتمنح خصومها فرصةً لا تُعوّض.
الذين يظنّون أنّ إسقاط النظام سيحرّر المجال العام ويتجاوز هيمنة المؤسسة العسكرية، يتجاهلون أنّ هذه الهيمنة ليست في الواجهة فقط، بل في عمق بنية الدولة نفسها.
فالثورة غير المؤهّلة لن تُغيّر النظام، بل تُغيّر شكله وتُبقي جوهره على حاله، مع احتماليةِ التدخّل الخارجي واحتلال الأرض.
رابعًا: الوعي قبل الانفجار
إنّ مصر لا تحتاج اليوم إلى اندفاعٍ عاطفيٍّ، بل إلى وعيٍ تاريخيٍّ يعترف بأنّ التوقيت أحيانًا أهمّ من النيّة، وأنّ أخطر ما تواجهه الأمم هو الخلط بين الرغبة في التغيير وانعدام الوعي بالعواقب.
فالثورات لا تُقاس بنُبل مقاصدها، بل بنتائجها، ولا تُحرّر وطنًا حين تأتي في لحظةِ ضعفه.
من أراد إنقاذ مصر، فعليه أن يُفكّر في عواقب كلامه أولًا، لأنّ الدولة إذا سقطت في دوامة الفوضى في هذا التوقيت بالذات لن يبقى ما يُصلَح أو يُحرَّر، او سنعيد انتاج نظام عسكريتاري جديد.
ما لفت انتباهي في خطاب السيسي بالأمس حديثه عن "العزة" وكيف نصره الله وأعزه بقدوم ترامب لشرم الشيخ وأخزى في تصوره خصومه الذين تظاهروا أمام السفارات المصرية في أوروبا.
مبدأيا والجميع يعرفون ذلك: لم أكن يوما مع هذه الدعوات وأراها دعوات سفيهة وتصرف أحمق لا معنى له.
ولكن عن أي "عزة" يتحدث السيسي؟
عن عجز مصر صاحبة ال١٢٠ مليون مواطن من فرض إرادتها على كيان لقيط تعداده ١٠ مليون إنسان ؟؟
عن أي عزة ؟؟
عن تزلفنا لشخص تافه مثل ترامب ووقوفنا في بلدنا نشاهده وهو يقوم بتوزيع التحايا والإشادات ويلتقط الصور ويمدح في نفسه وكأن شرم الشيخ هي مارالاجو فلوريدا التي يمتلكها ويعيش فيها؟؟
عن أي عزة ؟؟؟
تحدث عن عجزنا مواجهة الأمريكان عن هشاشة اقتصادنا ... سنصدقك !! ولكن عزة ؟؟؟؟؟
نحن بحاجة للحظة حقيقة هنا ، لحظة ندرك فيها اننا بعيدين تماما عن معاني (العزة) ....
قال أحد هؤلاء الدجاجلة يوما : نعلم ان إيران شيعية ونعلم جرائمها ولكننا نخشى ان ظهر عليها العدو اليهودي ان يسقط الإسلام وتستباح دوله.
هو ذات الشخص الذي هون من احتلال سيناء وقال بصلف وجنون : ان احتلال سيناء علامة من علامات انتصار الثورة على النظام المصري وان هذا على المدى القريب سيء ولكنه "جيد" على المدى البعيد !!!
هو هو نفس الشخص الذي هول من ضرب إيران وجعله علامة على سقوط العالم الإسلامي وخوف الناس منه.
هو ذاته يقول ان احتلال بلد مثل مصر سيكون علامة على نجاح ثورته المزعومة وانه وإن كان هذا غير مرغوب فيه إلا انه سيكون ثمنا جيدا للتحرر الوهمي الذي يدعو إليه، ولا يعتبر ذلك خطرا على العالم الإسلامي ولا يقدر عواقب الاحتلال الفعلي لسيناء زاعما امام بهاليله ان هذا اهون من وجود النظام الحالي.
ويصدقه غلمان صغار .. ويطبل له الإخوان.
إيران ودمُ أهل السُّنة: بين التلميع والخداع
في أسبوعٍ واحد، أقدمت دولةُ إيران التي روّج لها الإخوان ودافع عنها كُتّاب وشخصيّاتٌ يزعمون العمل للدين، والتي مدحتها حماس والجهاد، على اغتيال اثنين من أهل السُّنة المعارضين لنظام الملالي القمعي.
قبل أيامٍ، اغتالت إيران ناشطًا وطالبَ علمٍ كرديًّا سنيًّا معارضًا في قلب إسطنبول، واليوم اغتالت عالمَ دينٍ بلوشيًّا سنيًّا في بلوشستان داخل إيران.
وفي أبريل الماضي، فشلت في اغتيال معارضٍ آخر في هولندا، واستدعت الخارجيةُ الهولندية السفيرَ الإيرانيَّ لديها لتوبيخه.
وفي يوليو، أصدرت أربع عشرة دولةً أوروبية بيانًا مشتركًا تتهم فيه إيران بانتهاج سياسةٍ ممنهجةٍ من الاغتيالات والخطف ضدّ معارضيها.
تاريخُ دولة الملالي القمعي الوحشي تجاه أهل السُّنة معروفٌ لكلّ من يتابع هذا الملفّ.
ومع ذلك، واجهنا — ولا نزال نواجه — فريقًا من المتشيّعين سياسيًّا، المتيَّمين فكريًّا، الذين روّجوا وزيّنوا ومدحوا إيران ونافحوا عنها، واحتفوا بها ومجّدوها، وهَوَّنوا من منهجها الدمويّ، بل وشَنَّعوا علينا لأننا نحذّر من هذه الدولة اللعينة القمعية.
هؤلاء الذين يزعمون أنهم ضدّ الاستبداد والقمع والسلطوية في بلادهم، يمرّرون الجرائم ذاتها حين ترتكبها إيران، ويصمتون عن سلوكها الوحشيّ الممنهج.
تخيّل لو أن أجهزةَ المخابرات المصرية انتهجت سياسة الاغتيالات العابرة للحدود كما يفعل النظام الإيراني، كيف سيكون موقفُ هؤلاء؟
ألن تراهم يُمطِرون الناسَ ببرامج ولقاءات ومقالاتٍ صاخبةٍ تندّد بـ “إجرام النظام المصري” ووحشيته؟
لا يكفي هنا الحديث العابر أو النقد الخجول ذرًّا للرماد في العيون، بل لا بدّ من إنكارٍ واضحٍ ومتواصلٍ لهذه السياسة المتوحّشة التي تمارسها إيران.
ومن يظنّ أن هذه الحوادث عابرة، فليبحث بنفسه في أرشيف السنوات العشر الأخيرة، ليرى كم من العلماء والدعاة والمعارضين السنّة تعرّضوا للاغتيال على يد أجهزة طهران، خصوصًا في الفترة التي انشغل فيها الإخوان وبعض تيارات الإسلام السياسي بتلميع إيران وتمجيدها.
راجعوا بأنفسكم، فالحقيقة أوضح من أن تُنكَر.
● اغتيال آخر في صفوف نشطاء أهل السنّة في إيران
اغتيال الوجيه البلوشي والمعارض السابق للنظام الإيراني ملا كمال صلاح زهي في مدينة إيرانشهر في بلوشستان الإيرانية
_ يوم أمس تم اغتيال ملا كمال صلاح زهي وهو معارض سابق وشخصية بلوشية بارزة ومؤثرة والتي لعبت دوراً فعالاً في السلام والمصالحة بين القبائل، على يد مسلحين مجهولين في إيرانشهر.
كان ملاكمال من أهم المعارضين للنظام الإيراني في ثمانينات وتسعينات القرن الماضي، واشتبك مرارًا مع القوات الحكومية مما أسفر عن مقتل العشرات من قوات الأمن وكذلك من المسلحين البلوش. وأخيرا انعقد اتفاقية الصلح التي أبرمها مع النظام الإيراني قبل ١٢ سنة وإثر ذلك حصل على رسالة تأمين من النظام.
حسب نشطاء حقوقيين بلوش حاول النظام الإيراني اغتياله مرارًا قبل وبعد تلك الاتفاقية بطرق عديدة.
رحمه الله رحمة واسعة وأسكنه الفردوس