أنا أعلم عِلم اليقين أنّ كثيرًا مِن الناس حين يرون الكلام المتبادل بيننا كأهل سُنّة وجماعة وبين الأشاعرة؛ يشعرون بالضياع، والتوهان، وأنّ العقيدة صعبة الإدراك، وعسيرة الفهم.
وأنا والله لا ألومهم، ومِن حقّهم أن يضجروا مِن تعقيد ما يقرؤونه ويسمعونه.
أنا أريدك يا أخي/أختي المسلم أن تعرف عِدّة أمورٍ أساسيّة؛ لكيلا تشعر بالضياع في هذه المعمعة:
° عقيدة الإسلام، عقيدتنا كأهل سُنّة وجماعة أسهل وأيسر مِمّا تتخيّل؛ بل أنتَ كعآمّي تُقِرّ بها بفطرتك دون أن تعرف التفاصيل.
° هذا التعقيد الّذي تراه يا أخي الحبيب في نقاشاتما مع أهل الكلام، ليس بسبب العقيدة الّتي جاء بها رسول الله صلّى الله عليه وسلّم؛ بل بسبب مُحاكمة أهل الكلام للنصوص الشرعيّة إلى قواعد الفلاسفة اليونانيين ونحوهم.
بمعنى آخر؛ بسبب فهم أهل الكلام -أهل الضلال- للعقيدة مِن خلال مصدرٍ مِن خارج الدّين كُلّه أصلّا -الفلسفة والفلاسفة- ظهر هذا التعقيد.
وبسبب لجوئهم إلى هذا المصدر الهرطوقي، اضطر أهل السُنّة والجماعة إلى الردّ عليهم بأسلويهم الكلامي، مِن خلال العقل والمنطق، وبطبيعة الحال، الخوض في هكذا علوم يستوجب التعقيد في الردّ والبيان.
بمعنى آخر وشامل؛ ما تراه مِن تعقيد يكمن في الردود في الدفاع عن العقيدة، وليس التعقيد في العقيدة نفسها.
° أنت كمسلم عآمّي لست مُلزمًا بفهم تلك الردود، ولا فهم الآليّة الّتي استخدمت في الرد، ولا فهم علم الكلام والمنطق لتفهم عقيدتك.
وحتّى يرتاح قلبك وعقلك، عليك أن تعرف هذه الأمور في عقيدتك، ومِن بعدها لا تأبه بأيّ شيءٍ آخر في تلك النقاشات، وهي كالآتي:
° التوحيد ثلاثة أقسام:
1- توحيد الربوبيّة: وهو إفراد الله سبحانه وتعالى بأفعاله، كأنّه سبحانه الرزّاق والخالق وحده لا شريك له.
2- توحيد الألوهيّة: إفراد العِباد بعبادلتهم لله سبحانه وتعالى؛ كالصلاة، والزكاة، والصوم، والذبح، والدعاء جميعها لله سبحانه وتعالى وحده لا شريك له.
3- توحيد الأسماء والصفات لله سبحانه وتعالى: الإيمان بجميع أسماء الله سبحانه وتعالى وصفاته الّتي جاءت في القرآن الكريم والسُنّة النبويّة المباركة، وإثباتها على معناها الظاهر بلا كيف، والاعتقاد بالكمال المُطلق لله جَلّ في علاه مِن جميع الوجوه، وتنزيهه عن كّلّ تشبيه أو نقيصة تبارك وتعالى.
° أركان الإيمان: الإيمان بالله، وملائكته، وكتبه، ورسله، واليوم الأخر، والقضاء والقدر خيره وشرّه.
° أركان الإسلام: شهادة أن لا إله إلّا الله، وأنّ مُحمّدًا -صلّى الله عليه وسلّم- رسول الله، والصلاة، والزكاة، والصيام، والحج.
° أنّ الله سبحانه وتعالى فوق سماواته، فوق عرشه فوقيّة وعلو حقيقي وليس مجازيًّا، بائنٌ مِن خلقه (بائن يعني أنّه سبحانه لا يختلط بمخلوقاته؛ فليس في ذاته شيء مِن مخلوقاته، وليس مِن مخلوقاته شيء في ذاته),.
° أنّ الله تبارك وتعالى يتكلّم، وكلامه صوتٌ مسموع بصوتٍ وحرف.
° القرآن هو كلام الله تبارك وتعالى الّذي تكلّم به بصوتٍ وحرف، وأنزله إلى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم عن طريق سيّدنا جبريل عليه الصلاة والسلام، والقرلن وحروفه ليسوا مخلوقات.
° أنّ صفات الله سبحانه وتعالى؛ كالوجه، واليد، والساق، والضحك، والغضب، والمجيء، والإتيان، والنزول، هي صفات ثابتة لله سبحانه وتعالى.
كيف نتعامل معها؟!.
نُثبِتُها كما جاءت، ونُقِرّ بها على معناها الظاهر، -أي معنى الكلمة العربي المفهوم- دون تشبيه، ولا تعطيل، ولا نسأل كيف؟!.
بمعنى، كمثال؛ لله يد صحيح؟! كلمة يد واضحة المعنى، جميعنا يُدرك معنى كلمة يد، فنؤمن بأنّ لله تبارك وتعالى يد حقيقيًة، ولكن لا نسأل "كيف هي هذه اليد؟!"؛ لأنّ الله تبارك وتعالى ليس كمثله شيء، ولا يجوز التفكير في ما هيّة هذه اليد أو تشبيهها بشيء، أو تعطيل معناها، بل نؤمن بها على معناها الظاهر المفهوم ونسكت؛ لأنّ عقولنا قاصرة على أن تدرك الكامل جلّ في عُلاه.
وهكذا تفعل مع جميع صفاته سبحانه وتعالى.
° الإيمان اعتقادٌ في القلب، وقولٌ بالّلسان، وعملٌ بالجوارح، والإيمان يزيد وينقص؛ يزيد بالطاعات، وينقص بالمعاصي
هذه النقاط هي الّتي يدور حولها الطحن بيننا وبين أهل الكلام المبتدعة.
هذه الأمور السهلة واليسيرة، والّتي يُدركها كُلّ مسلمٍ عاميٍّ عاقل؛ هي عقيدتنا كأهل سُنّة وجماعة في هذه الأبواب.
ما دمت فهمت هذه الأمور، وأدركتها إن شاء الله؛ فلا تخف، ولا تبتئس، ولا تشعر بالضياع؛ فهذا هو الحق المبين الّذي كان عليه صحابة رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- والتابعين، وتابعيهم، وأئمة أهل الحديث رضوان الله عليهم.
أرأيت كم هي عقيدتنا يسيرة الفهم؟! ولكن أولئك الضلاليّون أدخلوا إلى ديننا أمورًا ام يُنزل اللهُ بها مِن سلطان؛ فعقّدوا كُلّ شيء بفلسفتهم وهرطقتهم، والله المستعان.
احفظوها، واعقلوها، وعَلِّموها لِمن حولكم، وتوكّلوا على الله سبحانه وتعالى.
وإنّا لله الواحد القهّار
..........
12 - صَفَر - 1444 هـ
#اثبتوا_فالحق_جلي