عَنْ أَبِي ذَرٍّ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
«أَلَا أُخْبِرُكَ بِأَحَبِّ الْكَلَامِ إِلَى اللهِ؟» قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ أَخْبِرْنِي بِأَحَبِّ الْكَلَامِ إِلَى اللهِ، فَقَالَ: " إِنَّ أَحَبَّ الْكَلَامِ إِلَى اللهِ: سُبْحَانَ اللهِ وَبِحَمْدِهِ "

📚 صحيح مسلم «4/2093»

سبحان الله وبحمده

مهم

.

ليلة الجمعة ...

أكثروا من الصلاة والسلام على رسول الله وحبيبه الذي سيجلسه بجواره على العرش.

صلى الله عليه وسلم.

- وقال الإمام الدارمي في نقضه على المريسي:

" وأما دعواك: "أن تفسير «القيوم»: الذي لا يزول من مكانه ولا يتحرك"؛ فلا يقبل منك هذا التفسير إلا بأثر صحيح مأثور عن رسول الله ﷺ أو عن بعض أصحابه أو التابعين؛

لأن الحي القيوم يفعل ما يشاء، ويتحرك إذا شاء، ويهبط ويرتفع إذا شاء، ويقبض ويبسط، ويقوم ويجلس إذا شاء؛

لأن أمارة ما بين الحي والميت التحرك، كل حي متحرك لا محالة، وكل ميت غير متحرك لا محالة.".

فالنزول يا زين لا يكون نزولًا إلا بحركة، وكذلك الصعود، ولا أدري كيف نفيت الصعود عن الله وهو من معاني الاستواء على العرش!

والنزول أيضًا اقتراب حسي حقيقي، فالله حين ينزل يكون أقرب إلينا بالنسبة لنا قبل النزول.

وأما جواب استشكال المتصل الذي دفعك إلى قول ما قلته:

فكأن يكفيك أن تقول له:

كما أنّ الله يسمع جميع الأصوات ويبصر جميع المرئيات، في نفس الوقت ودون أن تختلط عليه، ولا نعقل كيفية ذلك، فكذلك ينزل الله إلى السماء الدنيا وإن اختلفت أوقات حلول الليل من بلد لآخر ولا تعقل كيفية ذلك!

أخيرًا:

للإخوة الذين قد يتضايقون من أسلوبي، أقول لهم:

أولًا، يشهد الله أنني البارحة كتبت مقالًا عن زين قمة في الشدة والقسوة، ولكنني تراجعت عنه بعد أن رأيت مقطعه الأخير، ولكن الذي صدمني هو التهاون في ما وقع فيه زين، واعتباره مجرد زلة أو خطأ عابر؛ بل والأدهى هو اعتبار كلامه الذي دافع به عن نفسه البارحة تراجعًا رغم أنه كرر عين كلامه في المقطع الذي انتقد عليه، ولا أدري كيف مر هذا على الجميع!

ثانيًا، يا كرام، زين خير الله ليس شخصًا عاديًا من عوام المسلمين حتى نتعامل مع زلته كزلة أي مسلم عامي أو غير مشهور؛ هو إنسان داعية إلى الله، ويتصدر لمئات الآلاف من المسلمين، وهؤلاء جميعهم في عنقه، والله أعلم كم من مسلم أخذ كلامه الذي هو كفر على أنه الاعتقاد الصحيح!

فكرة تصدر إنسان للدعوة إلى الله والرد على المخالفين، وهو يجهل العقيدة إجمالًا وتفصيلًا مصيبة وكارثة، والمشكلة أنها حالة متكررة، خاصة في جماعة مقارنة الأديان والرد على الشبهات!

قد يتضايق زين خير الله من كلامي هذا إذا رآه، ولكن يعلم الله أني ما قلت ما قلته إلا خشيةً عليه وعلى من يتابعونه من المسلمين.

فمعليش، لو استفزه كلامي وكان ذلك سببًا لتعلم العقيدة كما يجب، وإن كرهني، فهذا أحب إلى قلبي من الطبطة عليه وتهوين ما وقع به.

وإني أعظك يا زين أن تتوب إلى الله وتسارع في حذف المقاطع، وتبين مسألة النزول كما يعتقد أتباع الأنبياء والرسل.

ختامًا:

"حدثاء الأسنان سفهاء الأحلام" قد يكون لهم فائدة أحيانًا؛ كتصحيح عقائد الدعاة والمتصدرين وإنقاذهم من الكفر مثلًا!

والحمد لله رب العالمين.

تعليقًا على مقطع زين خير الله الأخير ...

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله؛ أما بعد:

قبل أن أبدأ هناك عدة مقدمات يجب الوقوف معها قبل الشروع في جوهر الموضوع:

الأولى، لمن يتهمنا أننا نتصيد الزلات، فلسنا نحن من نشر كلام زين في صفة النزول بين الناس؛ بل الجهمية الأشعرية هم من فعلوا ذلك، واستغلوا المصائب التي تلفظ بها زين في شرحه.

الثانية، الحدة في الكلام لا يلزم منه الكره والبغض والطعن والتشفّي، بل قد يراد به الخير وصد المُخاطَب عما هو شر، وتوجيهه لما هو خير له.

ولا يخفى عليكم قول النبي ﷺ لمعاذ رضي الله عنه: أفتانٌ أنت يا معاذ" وقوله للرجل الذي خطب في الناس حين قال كلامًا يُفهم منه معنىً قبيح دون قصد منه، فقال له النبي ﷺ: "بئس الخطيب أنت"، وأمثلة ذلك من مواقف الصحابة والتابعين والسلف عموما، والتي فيها شدة في الإنكار أكثر من أن تحصى.

الثالثة، وصف الأمور بما هي أهله واجب شرعي لا يجب التهاون فيه؛ حتى يدرك عوام المسلمين خطورة هذه الأمور، ويرتدع من ليس له علم عن الكلام في دين الله بجهل، ويسعى للتعلم حتى ولو كان مشهورًا متصدرًا.

الرابعة، إنكار المنكر لا يقتضي نسف الجهود والفضل لمن أُنكِر عليه.

ندخل الآن في صلب الموضوع، فأقول مستعينًا بالله:

خرج زين خير الله البارحة في مقطع يبين فيه موقفه من نشر الأشاعرة لمقطع له تكلم فيه عن صفة النزول بكلام هو عين كلام الجهمية المفوّضة، وقال مبررًا ذلك بما معناه:

"هذا المقطع جزء من بث مباشر طويل، وأنتم تعلمون مدى الإرهاق الذي يصيب المرء أثناء البث، فزل لساني وقلت كلامًا خاطئًا".

قلت:

أولًا، لا يقل لي أحد هذه زلة أو خطأ، بل الكلام الذي قاله زين في شرح حديث النزول كفر بواح، أنا الآن لا أتحدث عن إنزال الحكم من عدمه، أنا أصف حقيقة الكلام، وهو كلام الجهمية الأشعرية المفوّضة بالحرف، وطلاب العلم يعلمون هذا حق العلم.

ثانيًا، كلامك في المقطع يا زين ليس زلة لسان، ولا يمكن أن يكون كذلك بأي حال؛ بل هو ما كنت تعتقده جهلًا وظنًا منك أنّ هذا هو اعتقاد السلف.

فأنت كررت في شرحك عبارة: الحركة والنزول والصعود من خصائص المخلوقين فحسب ثلاث مرات، وقلت أننا لا نعلم إذا كان نزول الله اقتراب حقيقي أم روحاني، ورجحت أنه روحاني، وعللت ذلك بأنّ العلماء يقولون: الاشتراك بين صفات الله وصفات المخلوقين هو اشتراك لفظي.

ولنفترض جدلًا أنّ كل هذا الكلام زلة لسان أثناء البث؛ هل يعقل أيضًا أنّ قطعك لهذا الجواب من بثك الطويل، ثم نشره بشكل خاص تحت عنوان: متصل يطلب شرح حديث نزول الله، شاهد الجواب" هذا أيضًا زلة يد؟!

ولنفترض جدلًا أنّ هذه زلة يد، أو أنّ أحد فريق العمل معك قطع هذا المقطع ونشره دون الرجوع إليك؛ هل الكلام الذي في الفيديو والذي هو من مقطعك الأخير الذي تدافع به عن نفسك هل هذا أيضًا زلة لسان؟!

أنت مصر على نفي الحركة والانتقال من مكان إلى مكان عن الله، وجعل هذا من خصائص المخلوقين، وهذا يدل بلا مجال للترفيع أنك لا تعلم عقيدة السلف تفصيلًا؛ فقط تردد كلامًا مجملًا لا تعقل حقيقته؛ إذ أنّ كلامك هذا لا يمكن أن يخرج من طالب علم قرأ متون الحموية والتدمرية أو أي متن عقدي أثري مسند لطلاب العلم في المرحلة المتوسطة!

وفي الحقيقة هذا ليس حالك أنت فحسب؛ بل هذا هو حال وليد إسماعيل الذي قال بكلام يشبه كلامك البارحة، وأبو عمر الباحث وحسن الحسيني من قبلكم، وكثير ممن خاض في تفاصيل العقيدة بغير علم وعن جهل للدفاع عن أئمة الأشعرية الجهمية، فجاء بالأعاجيب تارة، ونطق كلمة الكفر تارةً وهو لا يدري!

ثم إنك يا زين إلى الآن لم تحذف المقاطع رغم علمك بما فيها من طوام!

عمومًا ...

بالنسبة لقولك أنّ العلماء يقولون الاشتراك بين صفات الله وصفات المخلوقات هو اشتراك لفظي؛ هذا ليس بقول علماء أهل السنة، بل هو قول أئمة الجهمية الأشعرية المفوّضة منهم، وأنصحك بقراءة شرح التدمرية حتى تفهم هذا الأمر، أو تسأل أحد طلبة العلم المتمكنين من هذا الباب ليبين لك. (في فهرسة القناة، في باب العقيدة، تجدون عدة مقالات عن القدر المشترك بين صفات الله وصفات المخلوقين)

وأما كلامك عن الحركة والانتقال، وأنّ هذا من خصائص المخلوقين؛ فهذا هو عين كلام الفلاسفة المشائين الذين قالوا عن الإله هو المُحرك الذي لا يتحرك، وهو عين قول الأشاعرة الجهمية الذين من خلاله نفوا الأفعال الاختيارية لله سبحانه وتعالى؛ لأنّ الحركة والانتقال عندهم شيء حادث، والحوادث لا تقوم إلا في المخلوقين.

- قال الإمام حرب الكرماني في عقيدته التي نقل فيها إجماع أئمة السلف:

"والله على عرشه عز ذكره وتعالى جده، ولا إله غيره، والله سميع لا يشك، بصير لا يرتاب، عليم لا يجهل، جواد لا يبخل، حليم لا يعجل، حفيظ لا ينسى، يقظان لا يسهو، رقيب لا يغفل، يتكلم، ويتحرك، ويسمع ويبصر، وينظر، ويقبض ويبسط، ويضحك، ويفرح ويحب، ويكره ويبغض، ويرضى ويسخط، ويغضب، ويرحم، ويعفو ويغفر، ويعطي ويمنع".

الآثار الرائعة لا تحتاج إلى إسناد :)

جماعة مقارنة الأديان والرد على الشبهات ومن شاكلهم -إلا من رحم ربي- يتكلمون عنا بطريقة أشبه بالبلاغ الأمني!

تجدهم يكررون عبارات مثل:

هؤلاء خوارج، هؤلاء يكفرون المسلمين، هؤلاء يستحلون الدماء، هؤلاء نسخة عن الدواعش ... إلخ

وفوق هذا ينشرون صورًا ومنشورات وتعليقات لبعض الشباب دون إخفاء أسمائهم في هذا السياق.

حرفيًا وكأنهم يعدون ملفًا أمنيًا قصدوا ذلك أم لم يقصدوا!

لا سامح الله كل من يساهم في أذية الإخوة، وعند الله تجتمع الخصوم.

أما من رجلٍ رشيد من المخالفين لنا، ولديه تواصل مع الأستاذ وليد فيناصحه؟!

والله الأستاذ وليد يحوم حول التجهم وهو لا يشعر، وأعيذه بالله من هذا.

وقبل كل شيء: أرجو من الإخوة الرفق مع الأستاذ وليد، وأن لا يتعجلوا في إطلاق الأحكام، الأستاذ وليد له مقاطع واضح فيها أنه مثبت للصفات، ولكنه في مقطعه الأخير تكلم بكلام خطير جدًا وفيه تخبط كما هو واضح في الصورة أيضًا، وأنا أجزم أنه لا يعلم حقيقة ومآل ما يقول، لذلك ناصحوه ولا تستعجلوا في إطلاق الأحكام عليه بارك الله فيكم.

فأقول مستعينًا بالله:

يا أستاذ وليد، هداك الله ووفقك لكل خير، أنت تقول كلامًا ثم تنقضه في نفس السياق، والله المستعان.

أنت قلت في بداية كلامك: هل أنت مفوض؟ فأجبت: لا.

ثم تقول: ليس مطلوبًا منا معرفة ما إذا كانت هذه اليد على الحقيقة أم المجاز!

وهذا هو عين عقيدة المفوّضة الزنادقة يا أستاذ وليد!

فهم يقولون: نحن لا ندري معنى اليد، ونفوض مراد الله منها إليه.

ويا أستاذ وليد، إثبات الصفات لا يكون إثباتًا إن لم تقر بأنّ معنى الصفة هو ظاهرها الحقيقي!

فلله يد تليق بجلاله، لها هيئة وشكل وكيفية لا يعلمها إلا هو سبحانه، وتُرى بالعين إذا شاء الله أن يرينا إياها يوم القيامة، وفيها أصابع وكف، ويقبض بها ويبسط، ويطوي بها السماوات والأراضين، ويمس بها ما يشاء، وكتب بها التوراة، ومسح بها على ظهر آدم ﷺ، وغرس بها جنات عدن.

فهي يد حقيقية كبيرة جدًا جدًا إلى درجة أنّ السماوات والأرض في كف يده كالخردلة!

هذا هو الإثبات؛ نثبت المعنى ونفوض الكيف، فنحن لا نعلم كيف هي شكل يد الله وهيئتها؛ إذ أنّ معرفة كيفية الصفة فرع عن معرفة كيفية الموصوف، ونحن لا نعلم كيفية الله سبحانه وتعالى.

فلو سألتك: كيف هي شكل اليد؟ هكذا دون تخصيص.

عقلك يفهم معنى اليد، ولكن لم يحدد شكل أو كيفية معينة لليد لأنني لم أخصص أي يد أقصدها، فستسأل حينها: يد من أو ماذا؟!

فأقول لك: يد الأسد.

فحينها ستقوم بوصف كيفية يد الأسد لأنك تعرف كيف هو الأسد ابتداءًا.

أما لو قلت لك مثلا: صف لي كيفية يد مخلوق معين لم تكن قد رأيته من قبل في حياتك.

فحينها ستعجز عن وصف كيفية يده لأنك تجهل كيفية هذا المخلوق من الأصل، فعقلك يفهم معنى اليد، ولكنه عاجز عن تحديد كيفية يد المخلوق الذي سألتك عنه لأنك لا تعلم كيفية هذا المخلوق ولم تره من قبل أساسًا.

ولله المثل الأعلى، نحن لا نعلم كيفية ذاته سبحانه، لذلك لا نعلم كيفية يده جل وعلا، وهكذا الأمر في سائر صفاته سبحانه.

أما القول بتفويض معاني الصفات وعدم إثباتها على الحقيقة أو تأويلها = تجهم وكفر مخرج عن الملة!

وأنت في مقطعك جعلت الأمر وكأنه نزاع فروعي لا فائدة منه، والحق أنه صراع بين أتباع الأنبياء والرسل الذين يؤمنون بصفات ربهم على الحقيقة، وأتباع الجهم بن صفوان وبشر المريسي الزنديقان الذين يفوضون صفات الله سبحانه وتعالى ويأولونها؛ صراع كفر وإيمان يا أستاذ وليد، كفر وإيمان!

وفائدة قد تهمك يا أستاذ وليد بما أنك تقف على ثغر الرد على الرافضة، كتب الله أجرك وجزاك كل خير على ما تبذله:

هل تعلم لماذا قام الرافضة بتأليه علي رضي الله عنه؟!

لأنهم جهمية في أسماء الله وصفاته يا أستاذ وليد!

فهم نفوا جميع صفات الله سبحانه وتعالى عنه، والنفوس مجبولة على التوجه إلى خالقها، فحينما جعلوا من ربهم عدمًا لا يعلم له مكان، وليس له صفات؛ جعلوا لعلي صفات الإله وتوجهوا إليه بالعبادة!

ولذات السبب تجد عباد القبور إما أشعرية جهمية أو صوفية حلولية!

فهذا الباب يا أستاذ وليد أعظم أبواب الدين، ولا يوجد فرقة ضالة ضلت في هذا الباب إلا وانعكس ذلك على باقي الأبواب.

والله المستعان.

أسأل الله أن يهديك ويصلح حالك وأن تتريث قبل أن تتكلم في أبواب ليس عندك فيها علم، ففي عنقك مئات الآلاف من المسلمين الذين يثقون بك ويتابعونك، فاتق الله فيهم وفي نفسك.

ولا يعيب المرء أن يجلس لتعلم ما يجهله من أمور دينه، ولكن العيب كل العيب أن يأبى الاعتراف بخطأه ويكابر، وأنا أحسب أنك لست كذلك، وأنك مريد للحق بإذن الله.

والحمد لله رب العالمين.

بارك الله في الإخوة عموما، وفي أخي الحبيب يزن الشامي خصوصًا، قد أثلج صدري بكلامه الذي تعقب به كلام الأستاذ وليد إسماعيل هداه الله.

مقطع مهم يا كرام.

https://youtu.be/52RiNso-sdM?si=z3FYIuPYtpzeCdnh

استراحة قصيرة إن شاء الله.

اجتهد في معرفة صفات ربه فأخطأ!

قال الإمام عثمان بن سعيد الدارمي رضي الله عنه:

وأما ما ذكرت من اجتهاد الرأي في تكييف صفات الرب، فإنا لا نجيز اجتهاد الرأي في كثير من الفرائض والأحكام، التي نراها بأعيننا، وتسمع في آذاننا. فكيف في صفات الله التي لم ترها العيون، وقصرت عنها الظنون؟

[النقض على المريسي ص54]

- وقال الإمام ابن منده رحمه الله:

ذكر الدليل على أن المجتهد المخطئ في معرفة الله عز وجل ووحدانيته [كالمعاند]

قال الله تعالى مخبرا عن ضلالتهم ومعاندتهم: {قل هل ننبئكم بالأخسرين أعمالا الذين ضل سعيهم في الحياة الدنيا وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعا} [الكهف: 104].

وقال علي بن أبي طالب رضي الله عنه لما سئل عن الأخسرين أعمالا فقال:

كفرة أهل الكتاب كان أوائلهم على حق، فأشركوا بربهم عز وجل وابتدعوا في دينهم، وأحدثوا على أنفسهم, فهم يجتمعون في الضلال، ويحسبون أنهم على هدى، ويجتهدون في الباطل ويحسبون أنهم على حق، ضل سعيهم في الحياة الدنيا وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعا.

وقال علي رضي الله عنه: منهم أهل حروراء.

[كتاب التوحيد 1/314]

- وقال عبيد الله بن سعيد السجزي رحمه الله:

وقال عمر وسهل بن حنيف: "اتهموا الرأي على الدين" ولا مخالف لهما في الصحابة، وقد كانا يجتهدان في الفروع، فعلم أنهما أرادا بذلك المنع من الرجوع إلى العقل في المعتقدات.

[رسالته في الحرف والصوت ص92]

- وقال ابن المبرد رحمه الله:

فإن باب الصفات موقوف على النقل والتقليد لا على الاجتهاد وكل العلم يسوغ فيه الاجتهاد إلا هذا.

[جمع الجيوش والدساكر]

باب ذكر هجرة أهل البدع والأهواء:

ينبغي لكل من تمسك بما رسمناه في كتابنا هذا وهو كتاب الشريعة أن يهجر جميع أهل الأهواء من الخوارج والقدرية والمرجئة والجهمية، وكل من ينسب إلى المعتزلة، وجميع الروافض، وجميع النواصب، وكل من نسبه أئمة المسلمين أنه مبتدع بدعة ضلالة، وصح عنه ذلك، فلا ينبغي أن يكلم ولا يسلم عليه، ولا يجالس ولا يصلى خلفه، ولا يزوج ولا يتزوج إليه من عرفه، ولا يشاركه ولا يعامله [ولا يناظره ولا يجادله] بل يذله بالهوان له، وإذا لقيته في طريق أخذت في غيرها إن أمكنك.

فإن قال: فلم لا أناظره وأجادله وأرد عليه قوله؟

قيل له: لا يؤمن عليك أن تناظره وتسمع منه كلاما يفسد عليك قلبك ويخدعك بباطله الذي زين له الشيطان فتهلك أنت؛ إلا أن يضطرك الأمر إلى مناظرته وإثبات الحجة عليه بحضرة سلطان أو ما أشبهه لإثبات الحجة عليه، فأما لغير ذلك فلا.

وهذا الذي ذكرته لك فقول من تقدم من أئمة المسلمين، وموافق لسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم.

[الشريعة للإمام الآجري]

قلت: فكيف لو كانت هذه المناظرة على الملأ، وعوام المسلمين يتابعونها؟!

طريقة المناظرات والحوارات مع النصارى والرافضة والملاحدة من أكثر الطرق بعدًا عن هدي السلف رضوان الله عليهم، وتضييعًا للأوقات، وتفتح أبوابًا عظيمة على الخائض فيها من الرياء والعجب والانتصار للنفس والكبر.

اليوم صارت هذه الطريقة أسلوب حياة، ومحتوى تقام عليه قنوات، وهذا والله من العجب العجاب!

كيف يجعل المرء دينه عرضةً للمراء والجدال والشبهات بحجة الرد على المخالفين؟!

والمشكلة أنّ غالب تلك المناظرات والحوارات تتمحور حول مواضيع جانبية بعيدة عن الأصول كل البعد.

وكثير منها تكون مع أناس من الواضح أنهم لا يبحثون عن الحق؛ بل يريدون الانتصار لأديانهم وأفكارهم.

والأسوء من هذا هناك أجيال تنشأ على هذه الطريقة العوجاء في الدعوة؛ يقضي عمره في متابعة تلك المقاطع، وبعد أن يجمع حصيلة من الردود على الشبهات ينطلق في هذا السبيل، وهو غير متأصل في دينه تأصيلًا منهجيًا منضبطًا.

والله المستعان.