مر أمامي مصطلح "الحريديم" في سياق كلام أحدهم عن الصراع السياسي في المنطقة، فذهبت أبحث عنه وقرآت عجبا.
الحريديم هي طائفة يهودية ملتزمة جدا، ومعناها الحرفي "الخائفون من الله"، ويبلغ عددهم مليون ونصف يهودي.
وهي طائفة منعزلة منغلقة عفى نفسها، حتى أنهم يرفضون الخدمة في جيش الكيان.
وعندهم ثلاث صلوات، الصبح، الظهر، المساء، ويحرصون على إقامتها في جماعة.
ومنهم من يرى حرمة التلفاز والإنترنت والأجهزة الذكية ويسميها "رجس" ، ومنهم من يراها شر لا بد منه يجب استخدامه بضوابط.
وعندهم المرأة وظيفتها الأساسية الأمومة ورعاية منزلها.
وعندهم مدارس دينية خاصة لا يكادون يعلمون فيها شيء سوى العلوم الشرعية عندهم، ويعتبرون العلوم الدنيوية مشتتة عن خدمة الإله ودراسة الدين؛ حتى أن الحكومة حاولت الضغط عليهم لإدراج علوم دنيوية كٱساسيات في مدارسهم ولكنهم رفضوا.
وغالب رجالهم لا يعمل؛ إنما يتفرغون لدراسة التوراة والعلوم المرتبطة به، ويعيشون على الإعانات الحكومية.
واللافت ٱنهم يحرصون على الزواج المبكر وكثرة الإنجاب، فمتوسط الولادات عندهم بين 6-8 أطفال.
طبعا يواجهون انتقادات من التيار العلماني الإسرائيلي وأحيانا السخرية، ولكن بشكل عام الحكومة تدعمهم لأجل أصواتهم الانتخابية، ولأجل المحافظة على الهوية الدينية في المجتمع اليهودي.
وبالطبع لن ترى علماني أو تنويري عربي أو حتى غربي يجرؤ على انتقادهم لالتزامهم الديني لأن تهمة معاداة السامية ستذهب به وراء الشمس!
فإن فينا التوحيد
٧١٥٩- أخبرنا أبو عبد الله الحافظ، أخبرنا الحسن بن محمد بن إسحاق، حدثنا أبو عثمان الحناط، حدثنا يعقوب بن شيبة، حدثنا يزيد بن هارون، أخبرنا المسعودي، عن عون بن عبد الله، قال: "إذا أزرى أحدكم على نفسه فلا يقولن ما فيَّ خير، فإن فينا التوحيد، ولكن ليقل: قد خشيتُ أن يهلكني ما فيَّ من الشر. وما أحسب أحدًا تفرغ لعيب الناس إلا من غفلة غفلها من نفسه، ولو اهتم لعيب نفسه ما تفرغ لعيب أحد ولا لذمه".
-شعب الإيمان (١٠/ ٥٨-٥٩) - ط دار الرشد
عمرك شفت مسلم يتضايق من فكرة أنه مخلد في العذاب عند أهل الملل الأخرى؟
ولا داري عنهم أصلا ولا يشغل باله.
لكن شوف النصراني أو الباطني أو حتى الملحد لما يذكر المسلم أنه كل من هو غير مسلم خالد في جهنم.
تحسه رح يموت من القهر، وهذا شيء عجيب حقيقة!
أنت لا تؤمن بإلهي، ولا تتبع نبيي، ولا تصدق بوجود الجنة ولا النار، فلماذا تغتاظ؟!
الريب يأكل قلوبهم تجاه ما هم عليه من الضلال، وحينما يترافق ذلك مع ثقة المسلم وجزمه القاطع بما هو عليه يحدث هذا التخبط.
وهنا تحضرني كلمة للشيخ أبي جعفر حفظه الله بما معناه:
الشدة في موضعها والاستعلاء العقائدي من سبل الدعوة التي لا يفقهها أكثر أهل زماننا.
الكافر حينما يراك تميع، والدين محبة، وكلنا إخوة، والجنة للجميع؛ لن يثير ذلك عنده الاهتمام تجاه ما تدين به، وسيقول لنفسه: لماذا أهتم بدينه وأنا في جميع الأحوال ناج عند هذا المسلم؟!
أما إن كنت مستعليا توالي وتعادي بقوة على دينك، فهو وإن نفر من ذلك ظاهرا إلا أن شيئا ما داخله سيتحرك ويجعله يتردد تجاه ما هو عليه ويدفعه للبحث.